في ٢١ فبراير ١٩٧٢، هبطت أول طائرة للقوات الجوية الأمريكية وأول طائرة تجارية من طراز بوينج ٧٠٧ في مطار بكين، وعندما نزل الرئيس ريتشارد نيكون من السلالم لم يُعلن عن حقبة جديدة للعلاقات الأمريكية-الصينية فحسب، بل مهّد طريق ازدهار سوق الطيران الصيني. فقد أعجب الصينيون بشدّة بالطائرة التجارية فطلبوا، في العام نفسه، من الولايات المتحدة الأميركية ١٠ طائرات من طراز بوينج ٧٠٧ مقابل [١٢٥ مليون دولار](https://daxueconsulting.com/air-travel-china/).

 وعلى الرغم من وصول الطائرات العشر في عام ١٩٧٣، ومساهمتها في رفع عدد الوجهات الدولية في الصين من ٤ وجهات آسيوية لثمان وجهات عالمية من ضمنها باريس، إلا أن السفر في الصين كان مقتصرًا فقط على كبار موظفي الدولة؛ وذلك لقلّة عدد الطائرات المتوفرة. 

### **محاولات الثمانينات**
في عام ١٩٨٠، نقلت الصين [٣.٤ مليون مسافر،](https://daxueconsulting.com/air-travel-china/) وأصبح ترتيبها في أسواق الطيران الـ٣٥ عالميًا. ولكن صبّت الحكومة اهتمامها في تحرير السوق وإلغاء المركزية للسماح بمشاركة الشركات الأجنبية والحضور الدولي. ومن هذا المنطلق، اقتصرت مشاركة إدارة الطيران الصينية (CAAC) ليكون دورها تنظيميًا فقط. وفي عام ١٩٨٨، قسّمت (CAAC) مهمة تشغيل العمليات لستّ شركات طيران منها الخطوط الجوية الصينية، وخطوط جنوب الصين الجوية وخطوط شرق الصين الجوية. وعلى الرغم من كل هذه الجهود إلا أن سفر المواطن الصيني كان حلمًا صعب المنال. 

### **معاناة سفر الصينيين في الثمانينات **
تتراوح أسعار التذاكر من ٣٠ لـ٤٠ يوان، ويُقدّر متوسط راتب الفرد الصيني لـ٥٠ يوان، لذا كان السفر محدودًا على الأغنياء. وإن استطعت تدبير سعر التذكرة، فإجراءات السفر معقدة جدًا. فلكي تُسافر؛ عليك أن تتوجه لمكتب سياحي لشراء التذاكر وتقديم رسالة توصية من مديرك في العمل تُثبت أنك ستُسافر لأسباب وجيهة. 

### **تطورات التسعينات **
في عام ١٩٩٠، تضاعف عدد المسافرين لأربعة أضعاف عن ١٩٨٠ ليصلّ لــ١٣ مليون مسافر. وانعكست تحسينات إدارة الطيران الصينية (CAAC) على سوق الطيران فوصل عدد الوجهات الدولية لـ٤٤ وجهة في ٢٤ دولة، ووقعت ثلاث من أكبر خطوط الطيران المحليّة اتفاقية تشغيل رمز مشترك مع خطوط يونايتد الأمريكية والخطوط اليابانية، وزاد عدد المطارات من ١١٠ مطارًا لـ١٣٩ مطار. وتسهّلت إجراءات السفر للصينيين، فما عادت رسالة التوصية شرطًا من شروط السفر. وعلى الرغم من جميع هذه التطورات إلا أن النسبة التي مثلتها الصين من سوق الطيران العالمي هي ٨٪ فقط. 

### **الألفية وطفرة الإنترنت**
لا نستطيع ذكر الألفية دون التحدث عن الإنترنت الذي قلب حياة العالم رأسًا على عقب، أطلقت الصين التذاكر الإلكترونية في شهر مارس من عام ٢٠٠٠ مما سهّل على المسافرين حجز تذاكرهم دون الحاجة للذهاب للمكاتب السياحية، وقلّل على الشركات التكاليف، حيث أتاحت خدمة شراء التذاكر من موقعها الإلكتروني. إلى جانب ذلك، سعت الصين في تلك الحقبة لفتح أبوابها للعالم فانضمت لمنظمة التجارة العالمية لتتدفق الشركات والأفراد للأراضي الصينية وارتفع عدد الوجهات لـ١٣٣ وجهة لـ٣٣ دولة، وتضاعف عدد المسافرين الدوليين، ووصل عدد المطارات لـ١٤٣ مطار في ٢٠٠٤، وامتلأ مطار بكين بالزوّار إثر استضافتها للأولمبياد. 

### **سماء الصين اليوم **
في عام ٢٠٢١، وبالرغم من تأثيرات الجائحة، وصل عدد المسافرين السنويين في المطارات الصينية إلى [لـ٩٠٧ مليون مسافر](https://www.trade.gov/country-commercial-guides/china-aviation#:~:text=The%20annual%20passenger%20throughput%20in,air%20travel%20from%202023%2D2025.)، ما يجعل الصين ثاني أكثر أسواق الطيران في العالم بعد الولايات المتحدة من حيث إجمالي عدد المسافرين داخل الدولة ومنها وإليها. وتُخطط إدارة الطيران الصينية (CAAC) لبناء مطارات جديدة ليصل عددها لـ٢٧٠ مطار في ٢٠٢٥. كما يتوقع اتحاد الدولي للنقل الجوي (الآياتا) أن يصلّ أسطول الطائرات الصينية لـ٤.٥٠٠ طائرة، وأن يحتلّ سوق الطيران الصيني المركز الأول عالميًا بحلول عام ٢٠٢٩. 

### **السوق الخليجي والصيني **
خليجيا، يشكل السوق الصيني جزءا جيدا من اهتمام وتشغيل الناقلات الخليجية وعلى رأسها شركة طيران الإمارات التي تشغل حاليا أكثر من ٥٠ رحلة مباشرة أسبوعيا بين دبي و٥ وحهات صينية. ويعود سبب رفع الناقلات الجويّة لعدد رحلاتها إلى قوّة الطلب وارتفاع معدل إشغال الرحلات. فضلا عن النمو المتزايد في الشحن الجوي من وإلى الصين!

محليا، تشغل الخطوط السعودية رحلات شحن منتظمة إلى مطار هونغ كونغ منذ سنوات، لكنها أطلقت أولى رحلات الركاب إلى جوانزو أكبر مدن جنوب الصين في عام ٢٠١١، والتي نمت بعد ذلك لتصبح خمس رحلاتٍ مباشرةٍ أسبوعيا. وفي نهاية الأسبوع الماضي، أطلقت الخطوط، ضمن برنامج الربط الجوي، أول رحلاتها المباشرة من مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة إلى مطار بكين داشينغ الدولي بمجموع ٤ رحلا أسبوعية ليرتفع عدد رحلات الركاب المباشرة التي تربط الدولتين إلى ٩ رحلات أسبوعية. وتهدف المملكة من إطلاقها لهذه الرحلات لاستقبال أكثر من [٤ ملايين زائر](https://www.saudia.com/pages/experience/about-us/corporate-communication/press-releases-and-news/press-releases/press-release-05082023?sc_lang=ar) سنويًا من الصين بحلول عام ٢٠٣٠. 



الطيران الصيني من ١٠ طائرات لـ٤٥٠٠ طائرة

لمحة تاريخية على سوق الطيران الصيني